الطريق إلى الله مبني على الحب والإتباع
قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم
والمحبة لا حد لها ولا كيفية فالحب شعور لا يصفه الحرف مهما طوع لتركيب أرق وأجمل السطور، ولا يمكن تعريفه للغير إلا عن طريق إمراره بتجربة تجعل الحب يستقر في قلبه فيتذوق هذا الشعور فيعرف ماهية الحب، وهنا قال سادتنا الصوفية:"من ذاق عرف". إلا أن المحبة لها ضوابط شرعية تنظمها فلا يصح أن نخرج عن إطارها، فإن قلنا أن حقيقة المحبة بحر لا ساحل له، وجب على كل نازل لهذا البحر أن يتخذ له مركب وقد أرسل الله لنا أعظم سفينة تنجي خائض هذا البحر وهي سفينة الشرع المحمدي، فمن نزل البحر المحيط بدون تلك السفينة تاه وغرق، ويحضرني قول الحلاج:

ألا أبلغا أحبائي أني ركبت البحر وتكسرت السفينة
على دين الصليب يكون موتى لا أريد البطحا ولا المدينة

وبغض النظر عن قضية الحلاج فالقضية الحلاجية معقدة البعض أولها وقبلها والبعض رفضها
ولكن وجب علينا طرح تأويل كلامه، فالحلاج الناظر في سيرته يعلم أنه قد حج سبع مرات وكان قلبه متعلق بالبطحاء وهي صحراء مكة والمدينة المنورة علي صاحبها أفضل الصلاة وأتم السلام، وفي يوم دخل الحلاج على الجنيد فأخبره أنه فتح ثغرة في الإسلام لن يسدها إلا رأسه وكاشفه بأنه سيموت علي الصليب، فتحطمت آمال الحلاج بأن تكون نهايته في الأراضي المقدسة، فخرج للسوق فوجد الناس ألتفت حوله فأنشأ هذان البيتان فانفض الناس من حوله فعاد الي منزله وتتبعه احدهم فوجده يصلي ويتضرع الي الله، فاستعجب من صنعه وقال له:عجيبا امرك انت تقول للناس ما تقول وإذا خلوت مع نفسك صليت وتضرعت، فقال له الحلاج : ديني لنفسي ودين الناس للناس.
فالحلاج غرق في بحر المحبة، فاشار الي أن نهايته تكون علي المحبة ولا سبيل لرجوعه من هذا البحر فإن سفينته تكسرت وغرق في هذا البحر حتى ذاب فيه وأصبح جزء منه لا هو قادر على مفارقته ولا هو قادر على أن لا يقول انه ليس منه فهو قد ذاب فيه ، فقصده بدين الصليب هو قولهم الله محبة .

لكن سفينة الشرع تحفظنا، فعندما ركبناها لم نجد فيها قول أن الله محبة، وإن صح أن الحب شرط إكتمال الإيمان لقوله عليه الصلاة والسلام: لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، لكن الحب وإن كان هو روح الطريق لكنه بدون ضبطه بضوابط الشرع يُهلك .

فأرى أنه لايصح أن نقول الله محبة فالله يُعرف كما عَرفَ نفسه هو، فهو الله عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور ...
وفي هذا النجاة ...


تم عمل هذا الموقع بواسطة