فى بيان حقيقة التصوف وموضوعه وغايته وبيان الشريعة والطريقة والحقيقة والسير والسلوك وغير ذلك من مصطلحات القوم ليكون الناظر فيها على بصيرة لأن من لم يعرف اصطلاحات القوم لايفهم كلامهم

فنقول ومن الله نستمد المأمول

أما حد التصوف علما : فهو علم يعرف به صلاح القلوب وسائر الحواس وأما حده عملا : فهو الأخذ بالأحوط من المأمورات واجتناب المنهيات والإقتصار على الضروريات من المباحات ويقال هوالجد فى السلوك إلى ملك الملوك ويقال هو حفظ الحواس ومراعاة الأنفاس ويقال هوالوقوف مع الآداب الشرعية ظاهراً وباطناً فيرى حكمها من الظاهر فى الباطن ومن الباطن فى الظاهر فيحصل من الحكمين كمال ليس بعده كمال والمعانى متقاربة .

وغايته : صلاح القلب وسائر الحواس فى الدنيا والفوز بأعلى المراتب فى العقبى . وموضوعه : الأخلاق المحمدية من حيث التخلق بها والتصوف بمعنى العمل هو الطريقة ويقال هى تبع أفعال النبى والعمل بها والشريعة هى الأحكام التى وردت عن الشارع المعبر عنها بالدين والملة وأما الحقيقة فهى علوم ومعارف تحصل لقلوب السالكين بعد صفائها من كدرات الطبائع البشرية قاله الإمام أبو البركات سيدى أحمد الدردير.

وقال فى التحفة :الطريقة معاملات والحقيقة مكاشفات المجاهدة توجب المشاهدة الشريعة هى الأحكام الشرعية والطريقة تتبع الأخلاق المحمدية والحقيقة هى الشرب من الكؤس الأوحدية من لم يحكم الطريقة لم يشرب من كؤس الحقيقة لايشرب من الكؤس إلا من زاحم الرؤوس

  على نفسه فليبك من ضاع عمره ... وليس له فيها نصيب ولاسهم

 إلخ ماقال نفعنا الله به وسقانا من صافى مشربه . 

وأما السيرإلى الله تعالى : فهو توجه القلب إلى الرب مع مخالفة النفس فى شهواتها ولو مباحة طلباً لمرضاة الله وإيثاراً له على ماسواه .

والسلوك : هو ترقى المقامات بالمجاهدات حتى تزول عنه أوصاف النقص ويتصف بصفات الكمال كما يأتى بيانه فالسير كالسبب فى السلوك .

 وأما الطب الروحانى : فهو العلم بكمالات القلوب وآفاتها وأمراضها وأدوائها وكيفية حفظ صحتها واعتدالها .

والمرشد المسلك : وهو الشيخ العارف بذلك الطب القادر على الإرشاد 

 والمراقبة : هى استدامة علم العبد باطلاع الرب عليه فى جميع أحواله .

والمشاهدة : هى رؤية الحق فى كل ذرة من ذرات الوجود مع التنزيه عما لايليق بعظمته تعالى .

والشهود : رؤية الحق بالحق .

قاله في السير والسلوك إلى ملك الملوك   

وقال العارف بالله تعالى سيدى أحمد الدردير

المراقبة: ملاحظة الحق تعالى عند كل شئ مثلاً إذا لاحظته حال قصد النفس الوقوع فى المعصية وجدته تعالى مطلعاُ عليك فترجع عنه حياءً منه تعالى وإذا لاحظته حال أكلك وجدته هو الذى ساق إليك ذلك الطعام من غير حول منك ولاقوة ثم وجدته حرك يدك لتناوله وجعل فيك القدرة على رفعه لفمك ثم حرك فمك وأجرى فيه الريق ثم خلق فيك قوة اللذة فساقه إلى المعدة ثم رتب على قوة فى جسمك ورباك فجعل منه للحم نصيباً وللعظم نصيبا وللعصب نصيبا وما فضل مما لامنفعة فيه أخرجه فتعلم بذلك أنه لافاعل سواه فإذا قوى هذا المعنى فيك سمى وحدة الأفعال  وصرت مشاهدا الله فى كل شئ فإذا قويت هذه المشاهدة حتى غبت عما سوى الله سميت معاينة ووحدة الذات فإذا زاد التمكن شاهدت بعد ذلك انه خالق لعبده وماعمل وهذا معنى قولهم شاهدت الله قبل كل شئ وهذه أمور ذوقية فوق طور العقل لايعرفها إلا أهل العنايات والنفوس القدسية.رضى الله عنهم وعنا به .

وأما التجلى : فهو ماينكشف لقلب السالك من أنوار الغيوب فإن كان مبدؤه الذات من غير اعتبار صفة من الصفات سمى بتجلى الذات وأكثر الأولياء ينكرونه ويقولون إنه لايحصل الا بواسطة صفة من الصفات وإن كان مبدؤه صفة من الصفات فيكون هذا من تجلى الأسماء الذى هو قريب من تجلى الصفات وإن كان مبدؤه صفة من الصفات من حيث تعينها وامتيازها عن الذات سمى تجلى الصفات وإن كان مبدؤه فعلا من أفعاله تعالى سمى تجلى الأفعال  .


فتجلى الأسماء : هوما ينكشف لقلب السالك من أسمائه تعالى فإذا تجلى على السالك باسم من أسمائه اصطلم ذلك السالك تحت أنوار ذلك الإسم بحيث يصير إذا نودى الحق تبارك وتعالى بذلك الإسم أجاب السالك .

وتجلى الصفات : هو ماينكشف لقلبه من صفاته تعالى فإذا تجلى على السالك بصفة من صفاته وذلك بعد فناء صفة السالك ظهر على السالك بعض آثار تلك الصفة بفضل الله تعالى مثلاً: إذاتجلى الحق عليه بصفة السمع صار يسمع نطق الجمادات وغيرها وقس عليها غيرها من الصفات .

وتجلى الأفعال : وهو ما ينكشف لقلب السالك من أفعاله تعالى فإذا تجلى الحق تعالى على السالك بفعل من أفعاله انكشف للسالك جريان قدرة الله تعالى فى الأشياء فيرى أنه تعالى هو المحرك والمسكن شهودا حالياً لا يعرفه الا أهله وهذا تجلى مزلة الأقدام فيخشى على السالك منه لأنه ينفى الفعل عن العبد بالكلية ولكن الله يثبت الذين آمنوا بالقول الثابت .

واعلم أن : تجلى الأفعال سابق على تجلى الصفات والأسماء فإن ثبت السالك وأقام الحدود الشرعية على نفسه مع شهود أن المحرك والمسكن هو الله تعالى ترقى من هذا التجلى الخطر إلى تجلى الأسماء والصفات وإن لم يثبت تزندق ورجع من الطريق وهبط إلى أسفل سافلين ولاحول ولا قوة الا بالله العلى العظيم قاله فى السير والسلوك . 

وأما الشوق: فهو اهتياج القلوب إلى لقاء المحبوب والمحبة:ميل قلب السالك إلى جمال الحضرة العلية والحال:معنى يرد على القلب بلا تصنع ولا اجتلاب ولا اكتساب وهوإما طرب أوحزن أوقبض أوبسط أو هيبة أوغير ذلك فإن زال عن القلب فهو المسمى حالا وإن دام وصار ملكة سمى مقاماً فالأحوال مواهب والمقامات مكاسب والأحوال تأتى من عين الجود والمقامات تحصل ببذل المجهود .

علم اليقين: هو العلم الحاصل من الدليل العقلى.

عين اليقين:هوالعلم الحاصل بالمشاهدة . 

حق اليقين: هو العلم الحاصل من فناء صفات العبد فى صفات الحق وبقاؤه بالحق علما وشهوداً وحالاً، لا حالا فقط لأن العبد كلما تقرب إلى اللهً تعالى بالعبودية ، وإظهار العجز والفناء عن جميع الصفات الناقصة وهبه الله تعالى فضلاً منه صفات حميدة حقية عوضاً عما فنى منه من الصفات الذميمة الخلقية فإذا وهب عبده العاجز تصرف فى الأكوان بإرادة سيده .

الشطح: عبارة عن كل كلمة فيها رائحة رعونة ودعوى وهو من زلات  السالكين . 

والسر: هو اللطيفة الربانية وهو باطن الروح. 

والملكوت: هوعالم الغيب المختص بالأرواح. 

والنفوس المجردة الأحدية: هى المرتبة المستهلك فيها جميع الأسماء والصفات وتسمى جمع الجمع .

العماء : هو المرتبة المطلقة عن الإطلاق والتقييد المتعالية عن التعالى والتدانى وهو البطون الذاتى العمائى الذى لايتصف بالحقية ولا بالخلقية تضمحل فيه الأسماء والصفات كالأحدية إلاأن الأحدية قد يفهم معناها والعماء لايفهم معناه وليس فيه تجلى الإله تعالى فليس للمخلوق فيه نصيب إلا من ترقى من حضيض الطبيعة إلى أوج الحقيقة وقطع المقامات كلها فوصل إلى المقام المسمى عند القوم بمقام العجز عن درك الإدراك إدراك . وأما التحقق به فليس للعبد فيه نصيب وهذا التجلى هو تجلى الذات الذى تقدم أنه ممتنع وهنا قال الصديقالعجز عن درك الإدراك إدراك. فالسالك يسلك المقامات وينكشف له فى كل مقام عن نور من أنوار الذات وذلك بحسب استعداده فيعرف بذلك النور ربه وخالقه فاذا سلك على جميع المقاما ت وظن أنه قد تمم المعرفة وصل إلى مقام يتحقق فيه أن الذات شئ من خاصته أنه لا يُعرف فيقول عند ذلك : العجزعن درك الإدراك إدراك .

 يعنى أنه قد أدرك أن الذات لاتُعرف وهذا أعلى المقامات فلا تظن أن صاحب هذا المقام لم يدرك شيئا لأن من لم يصل إلى هذا المقام فهو ناقص المعرفة ومن وصل إليه فهو كامل المعرفة وممن وصل إلى هذا المقام القطب الواسطىلأنه سئل عن حقيقة الحق فقال : حقيقة الحق لا يعلمها إلا الحق . وفى هذا المقام يقول السالك: رب زدنى فيك تحيرا يعنى الحيرة المقبولة التى تكثر وتتنوع فيها التجليات الأسمائية والصفاتية لا الحيرة المذمومة فى أول السلوك .

والعبودية: هى الوفاء بالعهود وحفظ الحدود والصبر على المفقود . 

الطمس: ذهاب رسوم السالك بالكلية فى صفات الله تعالى فهو أعلى درجات الفناء .

البقاء: وجودالأوصاف المحمودة فى السالك بسبب الرياضة وهونتيجة الفناء فمتى تم الفناء حصل البقاء 

الهوية السارية فى جميع الموجودات: عبارة عن الذات العلية الملاحظة لابشرط شئ ولابشرط لا شئ


الفوهانية: خطاب الحق للسالك بطريق المكافحة فى عالم المثال الذى هو حالة متوسطة بين النوم واليقظة تعرض للسالك وهو جالس غالباً ويجتمع فيها بالأشباح التى هى صور بين كثافة الأجسام ولطافة الأرواح ويرى فيها مايسره ويقوى همته على السلوك ويزيد من شوقه وتشعل نار المحبة فى قلبه وتنقطع عنه جميع الشهوات النفسانية والأهواء الشيطانية . 

والحقد: هو إخفاء العداوة فى القلب لمحل القدرة على الإنتقام . 

والحسد: تمنى زوال نعمة الغير . 

الكبر: صفة فى النفس تنشأ من رؤية النفس وما يظهرمن التعاظم فى الظاهرفهو أثر تلك الصفة . 

العُجْب : تكبر يحصل فى الباطن بتخيل علم أو عمل . 
 الغرور: إعتقاد الشئ على خلاف ما هو عليه وهو نوع من الجهل وأصناف المغترين كثيرة فالعباد منهم مغترون وكذلك الصوفية وكذلك أهل الدنيا وأهل العلم . 

والرياء: هو أن يطلب الإنسان رؤية أعماله وهو نوعان: ظاهر وخفى . 
فالظاهر منه : هو أن يحمله هذا الطلب على رؤية العبادة وتحسينها ، والخفى منه : هو الذى لايحمله على ذلك ولكن يحب إطلاع الناس على عبادته .

والإخلاص: أن لايطلب رؤية أحد أعماله .



 والجاه: حب إنتشار الصيت .

والخمول: ضده وهوانخماد ذكر السالك بالكلية .

الحجاب : هوانطباع الصور الكونية فى القلب،المانعة من قبول تجلى الحق فمتى كان فى قلب السالك غير الله فهو محجوب عن تجلى الحق وقد تكثر الأغيار فتكون حجاباً ظلمانياً وقد تقل فتكون حجاباً نورانياً فلذلك اختار المحققون للسالك ترك الأسباب والخلوة لئلا تنطبع الصور الكونية فى قلبه فتمنعه عن تجلى الحق له والدليل على أن المانع هو الصور أنك ترى العابد الذى ليس سالكاً طريق المحققين يعبد الله سبعين سنة ولم يحصل فى قلبه شئ مما يحصل للسالكين لأن العابد الذى ليس بسالك قلبه مملوء من الأغيار ولايسعى فى إذهابها عن قلبه ولايريد ما أراده السالكون بل يطلب ماوُعد به فى الجنة فهذا إن قبل الله عبادته أعطاه ما وعده به فى الجنة والسالك يعطيه التجلى فى الدنيا وله فى الآخرة أعلى المقامات .

والجمع : شهود الأشياء بالله والتبرى من الحول والقوة إلا بالله تعالى.

جمع الجمع : الإستهلاك بالكلية والفناء عما سوى الله تعالى وهو المرتبة الأحدية .

الفرق الأول : هو أن يحتجب السالك بالخلق عن الحق فلا يرى إلا الخلق وهو حال المبتدئ من السالكين والعوام .

الفرق الثانى : شهود قيام الخلق بالحق ورؤية الوحدة فى الكثرة والكثرة فى الوحدة من غير حجاب بإحداهما عن الأخرى .

والتجريد: إزالة السوى والكون عن القلب .

والجرس : إجمالى الخطاب الإلهى الوارد على القلب بضرب من القهر . 

الطوالع : أول مايبدو من تجليات الأسماء على باطن السالك فتتحسن أخلاقه بها لأنها تنور باطنه.

الطهارة:حفظ الله العبد من المخالفات.

طاهر الظاهر: من حفظه الله من المعاصى.

 طاهرالباطن : من حفظه الله من الوسواس. 

طاهر السر: من لايذهل عن الله طرفة عين .

 طاهر السر والعلانية: من قام بتوفية حقوق الحق والخلق جميعا لسعته برعاية الجانبين. 

الهمة : توجه القلب بجميع قواه .

تقوى العوام: ترك كل ما فيه إثم .

 تقوى الخواص: تنزيه القلب عما يشغل عن الحق .

كيمياء السعادة: التخلى عن الأوصاف الذميمة والتحلى بالأوصاف الحميدة .

كيمياء العوام: استبدال المتاع الأخروى الباقى،بالحطام الدنيوى الفانى .

كيمياء الخواص: تخليص القلب من الكون باستئثار المكون .

الطبيعة:هى القوة السارية فى الأجسام بها يصل الجسم إلى كماله الطبيعى 

والنفس الشهوانية : هى البخار اللطيف الحامل للحياة والحس والحركة الإرادية وهى التى تسميها الحكماء بالروح الحيوانى وهى جوهر مشرق على البدن فإن أشرق على ظاهر البدن وباطنه حصلت اليقظة وإن أشرق على باطن البدن دون ظاهره حصل النوم وإن انقطع إشراقه بالكلية حصل الموت .

وأما النفس الناطقة : فهى جوهر مجرد عن المادة فى ذاته مقارن لها فى أفعاله وهذه النفس هى التى تسمى بالأمارة واللوامة والملهمة والمطمئنة والراضية والمرضية والكاملة . فكل ما اتصفت بصفة سميت لأجل اتصافها باسم من هذه الأسماء .


فإن صادف النفس الشهوانية المتقدمة ووافقتها وصارت تحت حكمها سميت أمارة وإن سكنت تحت الأمر التكليفى وأذعنت لاتباع الحق ولكن بقى فيها ميل للشهوات سميت لوامة وإن زال هذا الميل وقويت على معارضة النفس الشهوانية وزاد ميلها إلى عالم القدس وتلقت الإلهامات سميت ملهمة وإن سكن اضطرابها ولم يبق للنفس الشهوانية حكم أصلا ونسيت الشهوات بالكلية سميت مطمئنة . فإن ترقت عن هذا وسقطت المقامات من عينها وفنيت عن جميع مرادها سميت راضية فإن زاد هذا الحال عليها صارت مرضيةعند الحق والخلق فإن أُمرت بالرجوع إلى العباد لإرشادهم وتكميلهم سميت كاملة .



 

 


 



 


 


 


   

 

 


 


 


 



   

 

[i] 

 


 


 


   

 


 


 



تم عمل هذا الموقع بواسطة